في رحاب ذكرى النهضة الحسينية: نحن وقيمة الحب في مدرسة الحسين
يسجل لنا التاريخ عن الإمام الحسين (ع) مواقف مغمورة بالحب والرحمة والعطف والإيثار، هي في منتهى الأخلاقية والإنسانية، منها: بكاؤه على مناوئيه في يوم عاشوراء لأنهم سيكونون سيئي المنقلب في الحياة الآخرة بسبب موقفهم منه ومن نهضته الخالدة، ومنها: سقيه الماء بيده لمناوئين عطاشى فتّهم الظمأ في صحراء قائظة وترشيف خيولهم، مناوئين تم إرسالهم من قِبَل الحكم الأموي لمقاتلته. والسؤال الكبير هنا: أين هو موقعنا من قيمة الحب هذه؟ وكيف هو واقع علاقاتنا الاجتماعية بالنظر إلى هذه القيمة الإنسانية العظيمة؟
سؤال لا يمكن اختزال الإجابة عليه في مجموعة من السطور القليلة بكل تأكيد، ولكن كل واحد منا مطالب بأن يجيب عليه بصورة صادقة ومفصلة مع نفسه. لا شك في أننا جميعا نحب الإمام الحسين (ع) ونعشق نهضته الخالدة، لأنها نهضة إنسانية تذكي في أنفسنا روح الإيمان والإنسانية وروح المطالبة بالحقوق والانتصار للحق ونصرة المظلوم والدفاع عنه والعيش في حياة كريمة بعيدة عن الذل والهوان والقهر والبرم. ولكننا مع هذا وللأسف، ولسبب أو لآخر، قد نقع في الطرف الآخر الذي يسئ إلى هذه القيمة الأخلاقية العظيمة (قيمة الحب) التي هي من أهم ما ينبغي أن نتعلمه من نهضة الإمام الحسين (ع). قد نختلف في أمور، فيدعونا هذا الاختلاف إلى أن نرتب عليه كراهية تجاه من نختلف معه، وقد يدعونا دافعنا إلى أن نكون شيئا مذكورا في الحياة إلى القسوة على بعضنا البعض، وقد نصل إلى مستوى أن يقصي بعضنا بعضا. قد يقول قائل بأننا بشر، ومن طبع البشر أنه خطاء، وهذا صحيح، ولكن هذا لا يبرر لنا بأي شكل من الأشكال أن نسير في الطرف الآخر المناقض لقيمة الحب التي بيّنها لنا ديننا الحنيف ورسولنا الكريم (ص) وأئمتنا العظام ومنهم سيد الشهداء الذي نعيش ذكرى نهضته التاريخية. فما أعظم خسارتنا حينما تكون قلوبنا بعيدة عن الحب، فيما نحن ندعي حب الإمام الحسين (ع)، ونحيي ذكراه على طريق هذا الحب!
إن من أعظم الدروس التي ينبغي أن نتعلمها من نهضة الإمام الحسين (ع) وعلى طريق حبه أن الحب هو أمتن الروابط التي تشدنا وتجمع شملنا في واقع حياتنا الاجتماعية، وإن الكراهية –مهما قلت ومهما كان الدافع إليها-هي من أخطر الآفات والأمراض الذاتية الاجتماعية. الكراهية مثلها مثل الشرارة القليلة التي يمكن أن يترتب عليها حريق مضطرم يحرق ويحرق. فما أجملنا ونحن نحب الإمام الحسين (ع) أن نجعل الحب ديدننا، وأن نفتح قلوبنا على بعضنا البعض، وأن لا ننتصر لأنانيتنا، وأن نتسامح فيما بيننا، وأن نعتصم بحبل الله ولا نتفرق، وأن نصلح فيما بيننا فإن “صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام” كما يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ورسولنا الكريم (ص).
بقلم: رضا علوي السيد أحمد
محرم 1428