نهضة الإمام الحسين (ع) قيام الإصلاح والعدالة الاجتماعية
قال الإمام الحسين (ع): ((إني لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (ص)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر)).
إن مما يميز نهضات التغيير والإصلاح الاجتماعي الإنسانية أنها نهضات صادقة الدوافع، واضحة المنطلقات والمعالم. فهي واضحة في مسيرتها ولا تشوبها أي ضبابية في توجهها الإنساني نحو التعامل مع حياة الإنسان والظروف الموضوعية له، بغية نقله من حال إلى حال أفضل.
وهكذا كانت نهضة الإمام الحسين (ع) التي نعيش ذكراها، فهي عظيمة وتاريخية بكل المقاييس، ولم تكن من أجل تحصيل المغانم والثروات الدنيوية الفانية، ولا من أجل الجاه والصيت، ولا من أجل الأَشَر والبَطَر وحياة البذخ والإسراف والطغيان، ولا من أجل الإفساد والظلم والتعدي على ممتلكات الناس وإجحافهم حقوقهم والنيل من حرياتهم. إنها بحق كانت سراجا ثاقبا في ليل جاهلية جديدة تجلببت بجلباب الإسلام وهي في جوهرها متنكرة له. إنها بحق صرخة مدوية من أجل إصلاح المجتمع، فردا وجماعة، ومن أجل أن يتحول الحق والخير والمعروف والحسن والجمال والفضيلة إلى سمات في شخصية الإنسان وسيرته الاجتماعية. إنها مشروع إصلاح لإنسان يتوق إلى العزة والكرامة، والحرية والعدالة الاجتماعية.
وما أجدر بكل واحد منا أن يعي هذه الكلمات التاريخية العظيمة، وأن ينهل من معينها الثّر! وما أجدر بولاة الأمر في بلادنا –وفي كل مكان وزمان- أن يضعوها نصب أعينهم، وأن يتعاملوا مع مواطنيهم ومحكوميهم وفق هديها! ما أجمل ولي الأمر وحاكم الرعية حينما يصحو في بداية يومه لينظر من حوله إلى أمور رعيته وأحوالها! وما أجمله حينما يأوي إلى فراشه وهو يضع نصب عينيه هذا السؤال الهام والملحّ: ماذا قدمت في يومي وماذا عليّ أن أفعل لخدمة مواطنيّ ورعاياي في الغد وكيف؟ ما أجمله وما أسعده حينما يعطي من نفسه لتفقد مناطقهم وأمورهم، وإنصافهم في حقوقهم، وسد النقص من عوزهم وحاجتهم في أمور حياتهم ليعيشوا في عز وكرامة!
إنها السعادة الحقيقية لكل ولي أمر وحاكم أن يجد مواطنيه ورعاياه مكتفين، يعيشون بكرامة، راضين عنه، وداعين له بالخير والتوفيق والسداد. وإن أشقى الشقاء وأكبر داع إلى الغبن والخسران وسوء الذكرى والتاريخ أن يسمح ولي الأمر لنفسه وقرابته وبطانته بحياة البَطَر والأَشَر، والبذخ والإسراف، والترف والطغيان، والظلم والإفساد، بينما ثمّة من رعيته أطفال ونساء وشباب ورجال وشيوخ يعيشون حياة الفقر والفاقة، والذل والشقاء، والمرارة والتعاسة، وتطؤهم المسكنة بسنابكها. كيف يحلو الحال لولي الأمر وقرابته وبطانته أن ينعموا بسعة الدور والقصور، بينما من رعيته من لا يتوفر على سقف يعيش تحته آمنا مكرما؟! كيف يصفو الجو ويروق لكل ولي أمر يعيش مواطنوه ورعاياه حياة بئيسة ذليلة؟! كيف يروق له أن يلتذ بأصناف وموائد الطعام والشراب وكثرتها، ومن رعيته من لا طمع له في قرص أو لا عهد له بشبع؟! ((وحسبك داء أن تعيش ببطنة *** وحولك أكباد تحنّ إلى القِدَِ)).
ما أجمل ولي الأمر حينما يكون الإصلاح والعدالة الاجتماعية والحرية هي الطرائق التي يسوس بها مواطنيه ورعاياه، وهي المبادئ التي ضحى الإمام الحسين (ع) وقدم نفسه وأنصاره قرابين على طريقها! ما أجمل ولي الأمر وما أجدره أن يفتح ذراعيه بتواضع، وأن يستمع برحابة صدر إلى حاجات ومطالب مواطنيه ورعيته على طريق بلوغ العدالة الاجتماعية والعيش الكريم! وما أجمل الحاكم والمحكوم حينما تكون العلاقة بينهما قائمة على أساس التناصح والتشاور والوئام والتكامل وحفظ الحقوق والواجبات!
بقلم: رضا علوي السيد أحمد
محرم 1427