كلمات في ذكرى نبي الرحمة محمد ص

في ذكرى الحبيب محمد (ص) يتحير الإنسان ماذا يكتب، لأن الكاتب يجد نفسه أمام عملاق أدهش العقول، وحيّر الألباب، إذ كيف لذلك الفرد الأمي في ذلك المجتمع الممعن في الجاهلية والتخلف أن يصنع حضارة هي بحق سيدة الحضارات، وينقل ذلك المجتمع من ظلمات وبراثن التخلف والجاهلية إلى نور التقدم والعلم. ولكنها إرادة الله ومشيئته، حيث قيض تعالى لهذه الأمة هذا الرسول العظيم الذي أخرجها من الظلمات إلى النور، وأرسله للناس كافة.

إن من أخلاقيات رسولنا الكريم (ص) الرحمة مع الناس، حتى أنه سمي بنبي الرحمة، فهو يعطف على الناس ويحن عليهم، ويتحسس آلامهم وآمالهم، ويحبهم. ما أحوجنا إلى هذا الخلق الكريم! ما أحوجنا إلى التراحم والتسامح  والتعاطف، وإلى تعميق مبدأ الحب لكي يتعمق ذلك التراحم والتسامح والتعاطف. ما أحوجنا إلى تجاوز ذواتنا حينما يكون التسامح هو الطريق إلى حفظ رباط المودة في ما بيننا، وحفظ المصلحة العامة. إن الرحمة والعطف والتسامح بين الناس تقوم على الحب، وبدون الحب لا تكون هناك رحمة ولا عطف ولا تسامح. ومن هنا فإن أي مجتمع لا يمكن له أن يزدهر إلا بتأصيل مبدأ الحب فيه بين أفراده، وهيهات لمجتمع تسوده الكراهية والمقت والأغلال النفسية أن يتقدم أو أن يصبح مبدعا وخلاقا، فضلا على أن يكون متماسكا ومترابطا.

وفي الوقت الذي كان فيه الحبيب محمد (ص) والمؤمنون به رحماء في ما بينهم، في الوقت ذاته كانوا أشداء على أولئك الذين كانوا لا يدخرون أي جهد في معاندة الرسالة الإسلامية ومحاولة وأدها وإيقاف خطها البياني المتصاعد، ومحاربة المؤمنين بها وسومهم سوء العذاب والبطش والتنكيل. وما أشبه اليوم بالبارحة! فها هي قوى الإمبريالية والشر اليوم تريد أن تسلبنا عنصر الشدة والقوة والدفاع عن الحق ورفض الظلم والجور، وتريد لنا أن نرضى بالذل والهوان، وبقبول تصوراتها التي تخدم مصالحها، وتصف من يدافع عن حقه ومن يعمل على استرجاع أرضه المحتلة ظلما وعدوانا وتحريرها من المحتل بالإرهاب والعنف. بينما تبرر كل ما تقوم به من مذابح بحق الإنسانية –إن بصورة مباشرة أو بالوكالة كما يحدث في الأراضي الفلسطينية- بأنه مكافحة للإرهاب، وتدعم المحتل للأرض بكل ما يستطيع، وتصف أعماله الوحشية والبربرية بأنها حق في الدفاع عن النفس.

صلوات الله وسلامه عليك يا حبيبنا يا رسول الله. ما أحوجنا  إلى أن نتأسى بسيرتك، ونسير على هديك، ونتعلم من مثلك وأخلاقك، فأنت الذي هو على خلق عظيم، وأنت الذي نطق الوحي النازل عليك بالقول الكريم: ((محمد رسول الله والذي معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)).

بقلم: السيد رضا علوي السيد أحمد

9/5/2002م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى