فلسفة إحياء عاشوراء

لا غنى للإنسان في هذه الحياة عن اتخاذ الرموز والقدوات على طريق التكامل، ومن هنا فإحياء ذكريات العظماء من أجل التأسي والتلمذ وأخذ العبر والدروس والاستفادة من عطاءات الشخصيات والرموز أمر مطلوب وحاجة إنسانية. والإمام الحسين (ع) هو إحدى تلك الشخصيات  الخالدة، هو ذلك الرمز الذي يمثل بالنسبة لنا –وللإنسانية جمعاء- مشعل هداية، وأعطى ومازال يعطينا دروسا حية في رفض الظلم والسعي إلى مقاومته وإحلال العدالة والإنصاف محله. وإحياء ذكرى الإمام الحسين كرمز هو ممارسة حضارية –بلا جدال في ذلك- لأنها تهدف الارتفاع بالإنسان والسمو به، ومن هنا فليس من الصحيح أبدا القول بأن إحياء ذكراه (ع) هو ضرب من ضروب التخلف. مع هذا، لا يبدو من الصحيح الجمود على بعض صور الإحياء واعتبارها هي الطريقة الوحيدة لإحياء ذكرى الإمام الحسين (ع)، ومثال ذلك أن يحصر إحياء الذكرى في خطب الخطباء ومسيرات العزاء، كما ليس من الصحيح حصر إحياء الذكرى في البكاء وتجاهل الجانب الفكري والثقافي والأخلاقي والحضاري في ثورة الإمام الحسين (ع). كما أن أي ممارسة أو صورة من صور الإحياء ثبت أن مضارها أكثر منافعها، من الأولى تركها وتجنب الإصرار على ممارستها.

والاحتفاء بالرموز والشخصيات العظيمة لا يعفي الإنسان من مسؤولياته في الحياة، فلا يكفي أن نمجد في الرمز أو الشخصية العظيمة أو نكن لها الحب والتقدير، بل ينبغي أن تتحول تعاليم ذلك الرمز أو الشخصية إلى واقع ملموس في حياتنا، وهذه هي الطريقة الصحيحة للإحياء. فحبنا للإمام الحسين (ع) وتقديرنا لشخصيته ينبغي أن يقودنا إلى تلمس الأدوار الأخلاقية والحضارية التي انطوت عليها شخصيته.

إن أي نهضة إسلامية –أو إنسانية- هي جديرة بالاهتمام والإحياء. وإذا كان هناك تقصير ملموس في إحياء ذكريات هذه النهضات أو الثورات فلا يعني أنها ليست جديرة بذلك. إن كل فعل تاريخي حضاري نهض من أجل رفعة الإنسان وسموه وتكامله هو جدير بالإحياء، ومن هنا فكل الرموز الذين جاهدوا الظلم وثاروا من أجل العدالة هم جديرون بالاحتفاء وإحياء الذكرى.

بقلم: السيد رضا علوي السيد أحمد

26/1/2003م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى