التجار والأعمال الخيرية

وجود الأعمال الخيرية بصورة نشطة وفاعلة في أي مجتمع هي ظاهرة صحية، ودليل وجود شعور إنساني نبيل وإحساس خير بالإنسان المعوز والمحتاج، وذلك الذي يعيش ظروفا غير ميسورة، أو استثنائية، أو قاهرة، وهو وجه جميل يعكس حالة التكافل بين طبقات المجتمع، ويؤصل حالة الحب والوئام في ما بينها. فالمعلوم أنه في أي مجتمع هناك تفاوت في المستويات الاقتصادية، وفي مستوى السعي والفرص المتاحة وفي الأدوات والوسائل المساعدة على الحصول على تلك الفرصن فهناك الغني، وهناكالمتوسط في الحال، وهناك الفقير، والفقر على درجات: هناك بالكاد من يملك قوت سنته، وهناك من لا يملكه، وهناك من هو أشد فقرا منهما.

ومن سمات المجتمع الحي المتكافل أنه يشد بعضه بعضا، وفيه تشعر الطبقة الغنية والمرفهة بالطبقة الضعيفة أو الفقيرة، وتقدم لها الدعم والمساندة والحماية. ويعد هذا الفعل أرقى الممارسات الإنسانية الحضارية، وهو أرقى ما يمكن أن يفعله الإنسان من أجل أخيه الإنسان، وهل هناك أفضل وأجمل من أن يشرك الإنسان الغني أخاه الإنسان الفقير والمحتاج في رفاهـه وقرصه وثوبه ومسكنه وماله؟ وهل هناك أجمل وألذ من ذلك الشعور بالسعادة المترتب على تقديم ذلك الدعم وتلكما المساندة والحماية؟

في هذا السياق، ينبغي الإشارة إلى أنه في مجتمعنا ثمة رجال أعمال وأصحاب تجارات أخيار -وإن كانوا قلة، كثر الله من أمثالهم- وضعوا نصب أعينهم، وفي صلب مشاريعهم التجارية وبرامجهم الاستثمارية مساندة الطبقة الضعيفة في المجتمع، ومساعدة ومساندة الفقير والمحتاج والمعوز وذلك الذي يمر بظروف خاصة أو استثنائية، فصار المجتمع يشهد لهم بأعمال الخير والبر، ويفخر بهم، وصار ذكرهم الطيب لا يكاد يخلو منه كل بيت ومجلس ومحفل. وهؤلاء -بحق- خليقون بالشكر والتقدير والإجلال، وهم الأنموذج الجيد، والمثال الطيب للتاجر ورجل الأعمال الذ ي يعطي من أجل مجتمعه، ويسهم في تخفيف الظروف الصعبة التي يعيشها ضعفاء الحال من ابناء وطنه.

وتتنوع أعمال ذلكم الرجال وأصحاب التجارات الأخيار بين بناء وترميم مساكن للفقراء، وكفالة أيتام، وعلاج مرضى -ذوي حالات صعبة- خارج البلاد، وتوفير بعثات أو منح دراسية جامعية، وتشييد وإعادة بناء مساجد، ومساعدات نقدية، وغير ذلك من المساعدات، سواء عبر مبادرات خيرية تطوعية، أو ضمن أداء حقوق  شرعية امتثالا لقول المولى جل وعلا: ((وفي أموالهم حق معلوم. للسائل والمحروم)). بل أن ما يثلج الصدر، ويبعث على الفخر والافتخار والاعتزاز، هناك بعض المؤسسات الاستثمارية الوطنية، ووعيا  منها بأهمية العمل الخيري ودوره في توسيع رقعة الطبقة المتوسطة، وتوفير التوازن والاستقرار والأمن المجتمعي، والنأي بالمجتمع عن حالة التفاوت الطبقي الفاحش، أضافت أو خصصت ضمن هيكلها الإداري والتنظيمي إدارة تهتم وتعنى بالشؤون الخيرية،وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن القائمين على مثل هذه المؤسسات يتمتعون بروح اجتماعية حية وشفافة، ووجدان  إنساني نبيل مفعم بالتضامن العملي مع الطبقة الضعيفة أو الفقيرة والمعوزة من أبناء مجتمعهم.

بقلم: السيد رضا علوي السيد أحمد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى